فصل: 1988 - مَسْأَلَةٌ: حكم المتعة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **


الْمُتْعَةُ

1988 - مَسْأَلَةٌ‏:‏

الْمُتْعَةُ فَرْضٌ عَلَى كُلِّ مُطَلِّقٍ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا أَوْ آخَرَ ثَلاَثٍ وَطِئَهَا أَوْ لَمْ يَطَأْهَا فَرَضَ لَهَا صَدَاقَهَا أَوْ لَمْ يَفْرِضْ لَهَا شَيْئًا‏:‏ أَنْ يُمَتِّعَهَا‏,‏ وَكَذَلِكَ الْمُفْتَدِيَةُ أَيْضًا وَيُجْبِرُهُ الْحَاكِمُ عَلَى ذَلِكَ أَحَبَّ أَمْ كَرِهَ‏.‏ وَلاَ مُتْعَةَ عَلَى مَنْ انْفَسَخَ نِكَاحُهُ مِنْهَا بِغَيْرِ طَلاَقٍ، وَلاَ يُسْقِطُ التَّمَتُّعَ عَنْ الْمُطَلِّقِ مُرَاجَعَتُهُ إيَّاهَا فِي الْعِدَّةِ، وَلاَ مَوْتُهُ، وَلاَ مَوْتُهَا‏.‏ وَالْمُتْعَةُ لَهَا أَوْ لِوَرَثَتِهَا مِنْ رَأْسِ مَالِهِ يَضْرِبُ بِهَا مَعَ الْغُرَمَاءِ، وَإِنْ تَعَاسَرَ فِي الْمُتْعَةِ قَضَى عَلَى الْمُوسِرِ لَهَا سَوَاءٌ كَانَ عَظِيمَ الْيَسَارِ أَوْ زَادَ فَضْلَةٌ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ أَهْلِهِ خَادِمٌ يَسْتَقِلُّ بِالْخِدْمَةِ‏.‏ وَعَلَى مَنْ لاَ فَضْلَةَ عِنْدَهُ عَنْ قُوتِ أَهْلِهِ وَنَفْسِهِ ثَلاَثُونَ دِرْهَمًا بِالْعِرَاقِيِّ وَهُوَ الدِّرْهَمُ الَّذِي تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي ‏"‏ كِتَابِ الزَّكَاةِ ‏"‏‏.‏ وَيَقْضِي عَلَى الْمُقِلِّ وَلَوْ بِمُدٍّ أَوْ بِدِرْهَمٍ عَلَى حَسَبِ طَاقَتِهِ‏.‏

برهان ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ‏}‏ فَعَمَّ عَزَّ وَجَلَّ كُلَّ مُطَلَّقَةٍ وَلَمْ يَخُصَّ وَأَوْجَبَهُ لَهَا عَلَى كُلِّ مُتَّقٍ يَخَافُ اللَّهَ تَعَالَى‏.‏ وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي وُجُوبِهَا‏:‏ فَرُوِيَ عَنْ طَائِفَةٍ‏:‏ أَنَّهَا لَيْسَتْ وَاجِبَةً‏:‏ رُوِّينَا ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ السَّبْعَةِ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ ضَعِيفٌ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونِ، وَمَالِكٍ‏.‏

وَمِنْ عَجَائِبِ الدُّنْيَا احْتِجَاجُ مَنْ قَلَّدَهُ لِقَوْلِهِمْ هَذَا بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا أَوْجَبَهَا عَلَى الْمُتَّقِينَ وَالْمُحْسِنِينَ لاَ عَلَى غَيْرِهِمْ‏.‏

فَقُلْنَا لَهُمْ‏:‏ فَهَبْكُمْ صَادِقِينَ فِي ذَلِكَ، أَتُوجِبُونَهَا أَنْتُمْ عَلَى مَنْ أَوْجَبَهَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ مِنْ الْمُتَّقِينَ وَالْمُحْسِنِينَ أَوْ لاَ فَإِنْ قَالُوا‏:‏ لاَ، أَقَرُّوا بِخِلاَفِهِمْ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَبْطَلُوا احْتِجَاجَهُمْ الْمَذْكُورَ، وَإِنْ قَالُوا‏:‏ نَعَمْ، تَرَكُوا مَذْهَبَهُمْ‏.‏

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ‏:‏ هِيَ فَرْضٌ عَلَى الْمُتَّقِينَ، وَالْمُحْسِنِينَ وَاحْتَجُّوا بِظَاهِرِ كَلاَمِ اللَّهِ تَعَالَى‏:‏ كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ‏:‏ شَهِدْت شُرَيْحًا وَأَتُوهُ مِنْ مَتَاعٍ، فَقَالَ‏:‏ لاَ تَأْبَ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْمُتَّقِينَ قَالَ‏:‏ إنِّي مُحْتَاجٌ قَالَ‏:‏ لاَ تَأْبَ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْمُحْسِنِينَ قَالَ أَيُّوبُ‏:‏ قُلْت لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ‏:‏ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مَتَاعٌ قَالَ‏:‏ نَعَمْ، إنْ كَانَ مِنْ الْمُتَّقِينَ، إنْ كَانَ مِنْ الْمُحْسِنِينَ، قَالَ أَيُّوبُ‏:‏ وَسَأَلَ عِكْرِمَةَ رَجُلٌ فَقَالَ‏:‏ إنِّي طَلَّقْت امْرَأَتِي فَهَلْ عَلَيَّ مُتْعَةٌ قَالَ‏:‏ إنْ كُنْت مِنْ الْمُتَّقِينَ، فَنَعَمْ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ كُلُّ مُسْلِمٍ هُوَ عَلَى أَدِيمِ الأَرْضِ، فَهُوَ بِقَوْلِهِ لاَ إلَهَ إِلاَّ اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ مِنْ جُمْلَةِ الْمُتَّقِينَ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ، وَإِيمَانِهِ، وَمِنْ جُمْلَةِ الْمُحْسِنِينَ وَلِلَّهِ تَعَالَى أَنْ يُخْلِدَهُ فِي النَّارِ إنْ لَمْ يُسْلِمْ‏.‏ فَكُلُّ مُسْلِمٍ فِي الْعَالَمِ فَهُوَ مُحْسِنٌ مُتَّقٍ، مِنْ الْمُحْسِنِينَ الْمُتَّقِينَ‏.‏ وَلَوْ لَمْ يَقَعْ اسْمُ ‏"‏ مُحْسِنٍ، وَمُتَّقٍ ‏"‏ إِلاَّ عَلَى مَنْ يُحْسِنُ وَيَتَّقِي فِي كُلِّ أَفْعَالِهِ‏:‏ لَمْ يَكُنْ فِي الأَرْضِ مُحْسِنٌ، وَلاَ مُتَّقٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذْ لاَ بُدَّ لِكُلِّ مَنْ دُونَهُ مِنْ تَقْصِيرٍ، وَإِسَاءَةٍ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مِنْ الْمُحْسِنِينَ، وَلاَ مِنْ الْمُتَّقِينَ‏.‏ فَكَانَ عَلَى هَذَا يَكُونُ كَلاَمُ اللَّهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ‏}‏ فَارِغًا وَلَغْوًا وَبَاطِلاً، وَهَذَا لاَ يَحِلُّ لأََحَدٍ أَنْ يَعْتَقِدَهُ‏.‏ وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ قوله تعالى مِنْ الْمُحْسِنِينَ وَ مِنْ الْمُتَّقِينَ وَبَيْنَ قوله تعالى مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَعْنَى فِي كُلِّ ذَلِكَ وَاحِدٌ، وَلاَ فَرْقَ‏.‏

فَإِنْ ذَكَرُوا‏:‏ مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ‏.‏ نَسَخَتْ هَذِهِ الآيَةُ‏:‏ وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً الَّتِي بَعْدَهَا وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ‏.‏

قلنا‏:‏ لاَ يُصَدَّقُ أَحَدٌ عَلَى إبْطَالِ حُكْمِ آيَةٍ مُنَزَّلَةٍ إِلاَّ بِخَبَرٍ ثَابِتٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَيْفَ وَلَيْسَ فِي الآيَةِ الَّتِي ذَكَرَ شَيْءٌ يُخَالِفُ الَّتِي زَعَمَ أَنَّهَا نَسَخَتْهَا فَكِلْتَاهُمَا حَقٌّ‏.‏

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ‏:‏ لاَ تَجِبُ الْمُتْعَةُ إِلاَّ لِلَّتِي طَلُقَتْ قَبْلَ أَنْ تُوطَأَ، وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ لَهَا صَدَاقٌ فَهَذِهِ تَجِبُ لَهَا الْمُتْعَةُ فَرْضًا‏.‏

كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ أَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمَدِينِيِّ أَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ إذَا فُوِّضَ إلَى الرَّجُلِ فَطَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ فَلَيْسَ لَهَا إِلاَّ الْمَتَاعُ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ لَيْسَ فِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَرَى لِغَيْرِهَا الْمُتْعَةَ، إِلاَّ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابِهِ‏.‏ إِلاَّ أَنَّ الأَوْزَاعِيَّ قَالَ‏:‏ لاَ مُتْعَةَ عَلَى عَبْدٍ‏.‏ إِلاَّ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ‏:‏ مَنْ تَزَوَّجَ وَلَمْ يَذْكُرْ مَهْرًا ثُمَّ فَرَضَ لَهَا مَهْرًا بِرِضَاهُ وَبِرِضَاهَا وَقَدْ فَرَضَ لَهَا الْقَاضِي مَهْرَ الْمِثْلِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ الْمَهْرَ يَبْطُلُ، وَلاَ يَجِبُ لَهَا إِلاَّ الْمُتْعَةُ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ وَهَذَا فَاسِدٌ جِدًّا، وَقَوْلٌ بِلاَ برهان‏:‏ إسْقَاطُ فَرْضٍ أَمَرَ بِهِ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ الْتِزَامِهِ أَوْ إلْزَامِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ‏.‏

وَاحْتَجَّ هَؤُلاَءِ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏لاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ‏}‏‏.‏

قَالَ عَلِيٌّ‏:‏ لَوْ لَمْ يَكُنْ إِلاَّ هَذِهِ الآيَةَ لَكَانَ قَوْلُهُ هَذَا حَقًّا، لَكِنَّ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ‏}‏ جَامِعٌ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مَفْرُوضٌ لَهَا، أَوْ غَيْرُ مَفْرُوضٍ لَهَا، مَدْخُولٌ بِهَا، أَوْ غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا وَلَمْ يَقُلْ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَوَّلِ الآيَةِ الَّتِي نَزَعُوا بِهَا‏:‏ أَنَّهُ لاَ مُتْعَةَ لِغَيْرِهَا فَظَهَرَ بُطْلاَنُ قَوْلِهِمْ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ‏.‏

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ‏:‏ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ، إِلاَّ الَّتِي طَلُقَتْ قَبْلَ أَنْ تُمَسَّ وَقَدْ فَرَضَ لَهَا بِحَسَبِهَا نِصْفَ مَا فَرَضَ لَهَا‏.‏ بِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ أَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ‏:‏ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ، إِلاَّ الَّتِي لَمْ يُدْخَلْ بِهَا‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ أَنَا اللَّيْثُ، وَمَالِكٌ، قَالاَ جَمِيعًا‏:‏ أَنَا نَافِعٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ‏:‏ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ الَّتِي تَطْلُقُ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا إِلاَّ أَنْ تَكُونَ امْرَأَةً طَلَّقَهَا زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا وَقَدْ فَرَضَ لَهَا فَرِيضَةً فَحَسْبُهَا فَرِيضَتُهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَرَضَ لَهَا، فَلَيْسَ لَهَا إِلاَّ الْمُتْعَةُ وَهُوَ قَوْلُ شُرَيْحٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَصَحَّ عَنْ إبْرَاهِيمَ‏.‏ وَرُوِّينَاهُ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ وَيُبْطِلُ هَذَا الْقَوْلَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إذْ ذَكَرَ‏:‏ أَنَّ لَهَا نِصْفَ مَا فُرِضَ لَهَا، لَمْ يَقُلْ‏:‏ وَلاَ مُتْعَةَ لَهَا‏.‏ وَقَدْ أَوْجَبَ لَهَا الْمُتْعَةَ بِقَوْلِهِ الصَّادِقِ‏:‏ وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَهَذِهِ مُطَلَّقَةٌ فَلَهَا الْمُتْعَةُ فَرْضًا مَعَ نِصْفِ مَا فُرِضَ لَهَا‏.‏ وَقَوْلٌ غَرِيبٌ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ رَبِيعَةَ، قَالَ‏:‏ إنَّمَا يُؤْمَرُ بِالْمَتَاعِ مَنْ لاَ رِدَّةَ عَلَيْهِ، وَلاَ تُحَاصُّ الْغُرَمَاءُ، لَيْسَتْ عَلَى مَنْ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ، وَهَذَا قَوْلٌ لاَ برهان عَلَى صِحَّتِهِ، فَهُوَ سَاقِطٌ‏.‏ وَطَائِفَةٌ قَالَتْ كَقَوْلِنَا كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ مُوسَى ابْنِ أَيُّوبَ الْغَافِقِيِّ عَنْ إيَاسِ بْنِ عَامِرٍ‏:‏ أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَقُولُ‏:‏ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ‏:‏ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ قَالَ‏:‏ سُئِلَ ابْنُ شِهَابٍ عَنْ الْمُمَلَّكَةِ وَالْمُخَيَّرَةِ فَقَالَ ابْنِ شِهَابٍ‏:‏ كُلُّ مُطَلَّقَةٍ فِي الأَرْضِ لَهَا مَتَاعٌ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ، قَالَ‏:‏ لِلْمُخْتَلِعَةِ الْمُتْعَةُ، الَّتِي جَمَعَتْ، وَاَلَّتِي لَمْ تَجْمَعْ سَوَاءٌ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ‏:‏ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ وَتَلاَ‏:‏ وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، قَالَ‏:‏ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ‏:‏ لِكُلِّ امْرَأَةٍ افْتَلَتَتْ نَفْسَهَا مِنْ زَوْجِهَا فَلَهَا الْمُتْعَةُ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ حَمَّادٍ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ‏:‏ لِلْمُخْتَلِعَةِ الْمُتْعَةُ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ أَنَا هُشَيْمٌ أَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ‏:‏ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مَتَاعٌ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، قَالَ‏:‏ لِلْمَمْلُوكَةِ، وَالْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ‏:‏ الْمُتْعَةُ إذَا طَلُقَتْ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ مِنْ عَجَائِبِ أَصْحَابِ الْقِيَاسِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَوْجَبَ الْعِدَّةَ‏:‏ عَلَى كُلِّ مُتَوَفًّى عَنْهَا زَوْجُهَا مِنْ الزَّوْجَاتِ وَعَلَى كُلِّ مُطَلَّقَةٍ مَوْطُوءَةٍ مِنْهُنَّ وَعَلَى الْمُعْتَقَةِ الْمُخْتَارَةِ فِرَاقَ زَوْجِهَا وَأَوْجَبَ الْمُتْعَةَ لِلْمُطَلَّقَاتِ جُمْلَةً‏.‏ فَقَاسُوا بِآرَائِهِمْ كُلَّ مَنْ لَيْسَتْ لَهُ زَوْجَةٌ، لَكِنْ وُطِئَتْ بِعَقْدٍ مَفْسُوخٍ فَاسِدٍ، لاَ يُوجِبُ مِيرَاثًا عَلَى الزَّوْجَةِ الصَّحِيحَةِ الزَّوَاجِ فِي إيجَابِ الْعِدَّةِ عَلَيْهِمَا‏.‏ وَأَسْقَطُوا كَثِيرًا مِنْ الْمُطَلَّقَاتِ عَنْ إيجَابِ الْمُتْعَةِ لَهُنَّ، فَهَلْ سُمِعَ بِأَعْجَبَ مِنْ فَسَادِ هَذَا الْعَمَلِ وَنَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ‏.‏

وَأَمَّا مِقْدَارُ الْمُتْعَةِ فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ‏:‏ أَدْنَى مَا أَرَاهُ يَجْزِي فِي الْمُتْعَةِ ثَلاَثُونَ دِرْهَمًا‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ أَعْلَى الْمُتْعَةِ ‏;‏ الْخَادِمُ، وَدُونَ ذَلِكَ‏:‏ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ فِي الْمُتْعَةِ لِلْمُطَلَّقَةِ قَالَ‏:‏ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مُؤَقَّتٌ يَمْنَعُهَا عَلَى قَدْرِ الْمَيْسَرَةِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ‏:‏ لاَ أَعْلَمُ لِلْمُتْعَةِ وَقْتًا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ‏}‏‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ أَعْلَى مَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ مِنْ الْمُتْعَةِ‏:‏ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، وَأَدْنَى ذَلِكَ‏:‏ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ‏.‏

وَهَذَا قَوْلٌ لاَ دَلِيلَ عَلَيْهِ وَهَبْكَ أَنَّهُ قَاسَ الْعَشَرَةَ دَرَاهِمَ عَلَى مَا تُقْطَعُ فِيهِ الْيَدُ فَعَلَى أَيِّ شَيْءٍ قَاسَ الْخَمْسَةَ دَرَاهِمَ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ لَوْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَكَّلَ الْمُتْعَةَ إلَى الْمُتَمَتِّعِ لَوَقَفْنَا عِنْدَ أَمْرِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَلْزَمْنَاهُ ذَلِكَ كَمَا يَفْعَلُ فِي إيتَاءِ الْمُكَاتِبِ مِنْ مَالِ الْمُكَاتَبِ لَكِنَّهُ تَعَالَى أَلْزَمَهُ عَلَى قَدْرِ الْيَسَارِ وَالْإِقْتَارِ، فَلَزِمَنَا فَرْضًا أَنْ نَجْعَلَ مُتْعَةَ الْمُوسِرِ غَيْرَ مُتْعَةِ الْمُقْتِرِ، وَلاَ بُدَّ وَلَمْ نَجِدْ فِي ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدًّا وَجَبَ حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى الْمَعْرُوفِ عِنْدَ الْمُخَاطَبِينَ بِذَلِكَ، فَوَجَبَ بِهَذَا الرُّجُوعُ إلَى مَا صَحَّ عَنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، فِي ذَلِكَ، كَمَا فَعَلْنَا فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ فَمَا كَانَ هُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَهُمْ فِي الْمُتْعَةِ، فَهُوَ الَّذِي أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِلاَ شَكٍّ، إذْ لاَ بُدَّ لِمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنْ بَيَانٍ، فَقَدْ كَانَ فِيهِمْ، رضي الله عنهم، الْمُوسِرُ الْمُتَنَاهِي، كَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَغَيْرِهِ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ مُوسِرَيْنِ دُونَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ‏.‏ وَمِمَّا يُبَيِّنُ وُجُوبَ الرُّجُوعِ إلَى مَا رَآهُ الصَّحَابَةُ، رضي الله عنهم، أَنَّهُ مُتْعَةٌ بِالْمَعْرُوفِ، كَمَا قلنا فِي النَّفَقَةِ، وَالْكِسْوَةِ، إذْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا‏}‏‏.‏ وَقَدْ وَافَقَنَا الْمُخَالِفُونَ عَلَى هَذَا، وَكِلاَ النَّصَّيْنِ وَاجِبٌ اتِّبَاعُهُ‏.‏ وَمَا أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نُبَاتٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ مُفَرِّحٍ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ بْنِ بَادِي الْعَلَّافُ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ أَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الأَسْوَدِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ نَفْسِهَا قَالَتْ‏:‏ طَلَّقَنِي أَبُو عَمْرِو بْنِ حَفْصٍ أَلْبَتَّةَ ثُمَّ خَرَجَ إلَى الْيَمَنِ وَوَكَّلَ بِهَا عَيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ فَأَرْسَلَ إلَيْهَا عَيَّاشٌ بَعْضَ النَّفَقَةِ، فَسَخِطَتْهَا فَقَالَ لَهَا عَيَّاشٌ‏:‏ مَا لَك عَلَيْنَا نَفَقَةٌ، وَلاَ سُكْنَى هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلِيهِ فَسَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا قَالَ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ لَيْسَ لَكِ نَفَقَةٌ، وَلاَ مَسْكَنٌ، وَلَكِنْ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَاخْرُجِي عَنْهُمْ، وَذَكَرَتْ بَاقِي الْخَبَرَ‏.‏ فَهَذَا غَايَةُ الْبَيَانِ أَنَّ الْمُتْعَةَ مَرْدُودَةٌ إلَى مَا كَانَ مَعْرُوفًا عِنْدَهُمْ يَوْمَئِذٍ، فَقَدْ ذَكَرْنَا قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ‏.‏

وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ أَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ‏:‏ سَمِعْت حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ يُحَدِّثُ عَنْ أُمِّهِ هِيَ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ، مِنْ الْمُهَاجِرَاتِ الْفَوَاضِلِ لَهَا صُحْبَةٌ أَنَّهَا قَالَتْ‏:‏ كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى جَارِيَةٍ سَوْدَاءَ حَمَّمَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ امْرَأَتَهُ أُمَّ أَبِي سَلَمَةَ حِينَ طَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ‏.‏ قَالَ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ‏:‏ أَنَا هُشَيْمٌ أَنَا مُغِيرَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ‏:‏ الْعَرَبُ تُسَمِّي ‏"‏ الْمُتْعَةَ ‏"‏ التَّحْمِيمَ‏.‏ فَقَدْ اتَّفَقَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، لاَ يُعْرَفُ لَهُمَا فِي ذَلِكَ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، عَلَى أَنَّ مُتْعَةَ الْمُوسِرِ الْمُتَنَاهِي خَادِمُ سَوْدَاءُ، فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ مُحْسِنٌ، كَمَا فَعَلَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَغَيْرُهُ، فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُطِيقَةٍ لِلْخِدْمَةِ فَلَيْسَتْ خَادِمًا، فَعَلَى هَذَا الْمِقْدَارِ يُجْبَرُ الْمُوسِرُ إذَا أَبَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ‏.‏

وَأَمَّا الْمُتَوَسِّطُ فَيُجْبَرُ عَلَى ثَلاَثِينَ دِرْهَمًا أَوْ قِيمَتِهَا إذْ لَمْ يَأْتِ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ كَمَا رُوِّينَا آنِفًا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ إذْ رَأَيَا ذَلِكَ هُوَ الْمَعْرُوفُ‏.‏

وَأَمَّا الْمُقْتِرُ فَأَقَلُّهُمْ مَنْ لاَ يَجِدُ قُوتَ يَوْمِهِ، أَوْ لاَ يَجِدُ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ، فَهَذَا لاَ يُكَلَّفُ حِينَئِذٍ شَيْئًا، لَكِنَّهَا دَيْنٌ عَلَيْهِ، فَإِذَا وَجَدَ زِيَادَةً عَلَى قُوتِهِ كُلِّفَ أَنْ يُعْطِيَهَا مَا تَنْتَفِعُ بِهِ وَلَوْ فِي أَكْلَةِ يَوْمٍ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إذْ يَقُولُ‏:‏ ‏{‏وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ‏}‏ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏